آصرة

يأخذنا سلطان عيد المرشدي في آصرة في رحلة إنسانية عميقة يبدأها بمحطات الضعف والألم التي عاشها خلال مرضه، كاشفًا عن الدور العاطفي الهائل الذي تلعبه الأسرة في حماية الفرد معنويًا وروحيًا. يصوّر الكاتب كيف تصبح العائلة سندًا لا يُعوّض، وكيف تُضيء حضورها حياة الإنسان في أشد لحظاته ظلمة.

ينتقل بعدها إلى ذكريات الطفولة في حي بسيط يشبه العائلة الكبرى، حيث الجيران أقرب من الأقارب، والبيوت ملتفة ببعضها، والقيم الأصيلة—كالكرم، والبساطة، والإيثار—تشكّل البيئة الاجتماعية. يقدم الكاتب لوحات حنينية عن صلاة الفجر للأطفال، والرحلات الأسبوعية، والمزارع، واللقاءات الودية التي صنعت جيلاً متماسكًا محمّلًا بالفضيلة.

ثم يرصد التحولات الكبرى التي مرّ بها المجتمع السعودي عبر العقود، من المجاعات والأوبئة القديمة، إلى انفجار ثروة النفط التي قلبت موازين الاقتصاد والتعليم والعمل. يسجل أثر الهجرة الداخلية والدراسة والعمل في تغيير شكل الأسرة، وانتقالها من الأسرة الممتدة إلى الأسرة الصغيرة، إضافة إلى صعود دور المرأة في التعليم والعمل وبناء المجتمع الحديث.

وفي فصول أخرى ذات بعد اجتماعي، يناقش الكاتب قضايا الزواج، وضوابط الاختيار الصحيح المبني على الدين والخلق، وينتقد بعض العادات التي تُضيّق على الناس بدلاً من تسهيل أمر الارتباط. كما يدافع بقوة عن المرأة في فصل “سارة وليست العانس”، مبينًا أن تأخر الزواج ليس عيبًا ولا معيارًا للقيمة الإنسانية، وأن النصيب رزق من الله يأتي بوقته. يشكّل الكتاب رسالة دافئة لإحياء الروابط، وتقدير الأسرة، وإعادة قراءة المجتمع بعين الامتنان والوعي.